بصمتٍ جلَستْ تفكّر
لطالما آلمتها تلكَ النَّظرات الممزوجة بالحَسد والحِقد والسَّلبية، خطرَ في بالِها أن تُصارحها
فدارَ بينهما الحوار التَّالي:
_ الشَّابة: لفتَني كيفَ تنظرينَ إليَّ و إلى لؤلؤ أسناني نظرةً يائسة
وتتحسَّسينَ مكانَ أسنانك والضروس الناكسة،
كفاكِ تحطيماً لطاقاتي ووقوفاً بوجه آمالي و أحلامي الرَّاقصة !
_ العجوزُ: (بغضَب) أنا في صبايَ كنتُ منكِ أجمَلْ،  خُصلات شَعريَ كانت تطيرْ كأنَّها شرائطٌ من حرير، وأسناني كانَت بيضاءَ عاجيَّة، وكان لي خدودٌ بلون الزهر ورديَّة.                          _الشابة: كُفّي عن تلكَ المُقارنات، وارحمي نفسكِ من كل هذهِ المُبالغات ….
فأنا أرى الجَّمال في الحنانِ والأمومة، حتى عند عاقر محرومة، هوَ في بهاءِ القَّلب الذي لا يهرمْ
والسّحر سِحرُ عقلٍ بالوعيِ والحِكمة مُفعَمْ؛
والصِّبا صِبا نفسٍ فتيَّة، تتمنّى الخَير لكلّ البشريَّة،
وتكون سراجاً من نصحٍ وإرشادْ
لكل من يَكاد عن دربِ الصوابِ الحيادْ

_ العجوز : (تذرفُ الدُّموع) قائلة:
أعترفُ أنّني أمامَ جمالكِ ووعيكِ خاسرة ….

_ الشابة :أنتمْ الأصلُ يا خالة،  أن تعلوَ العَينُ على الحاجبِ استحالة،
لستُ بكلامي لقدرِك ناكرة، ولكنها بعض أفكاري وما جال في الذاكرة …

تعانَقتا ..وبقبلة اعتذار تودَّعتا، وتعلَّمت كلُّ واحدةٍ منَ الأُخرى أنَّ الحياةَ منَّا جميعاً ساخرة،
وأنَّ الحبَّ والخيرَ والعطاء،  يبقى رغمَ فناءِ الدُّنيا وقدومِ الآخرة ………..

عائشة البراقي