قصيدة نزار قباني ( لماذا )

لماذا ارْتَبَطْتِ بتاريخِ جُرْحي ؟

وتوقيتِ حزني .

وفوضى ظنوني .

لماذا سرقتِ تقاطيعَ وجهي ؟

وشكلَ يديَّ

ولونَ عُيوني .

أنا لا أُريدكِ أن تُشبِهيني .

أيا امرأةً تتغرغرُ كلَّ صباحٍ

بماءِ عيوني .

إذا كنتِ تستهدفينَ السَّلامةَ يوماً

فكيفَ ركبتِ حِصانَ جنوني

وإنْ كنتِ تعتبرينَ الزَّواجَ على سُنَّةِ اللهِ مِنِّي

خلاصاً …

فإِنَّ يَقينَكِ غيرُ يَقيني ….

أنا عاجزٌ عن كفالةِ نفسي

فكيفَ سأكفلُ مستقبلَ الياسمينِ ؟

أيا امرأةً …..

تتجوَّلُ حافيةً في خلايا جَبيني .

إذا كنتِ تعتبرينَ قراءةَ شعري

سريراً وثيراً …..

وقطعةَ حلوى ….

وَ حمَّامَ شمسٍ ….. على شاطئِ البَحرِ …

أرجوكِ، لا تَقْرئيني ….

أيا امرأةً ….

تتوَهَّجُ كالسَّيفِ، بَينَ سطورِ كتابي ….

لماذا تُحبِّينَ شِعري ؟

وتَستمتعينَ بمرأى اللَّهيبِ، ومرأى الدُّخانِ،

وَ مَرأى الخَرَابِ ؟

لماذا تُحبِّينَ رائحةَ الحُزنِ تحتَ ثيابي ؟

وتَأتينَ كُلَّ صباحٍ لمقهى اكتئابي

ولا تقرئينَ الجَّرائدَ مثلي ..

ولا تَعرفينَ التواريخَ مِثلي ..

ولا تسألينَ عَن الطَّقسِ، مثلي …

لماذا طلَبتِ اللُّجوءَ لغاباتِ صَدْري ؟

وكيفَ تنامينَ بينَ صُراخِ عروقي …

وبينَ صُراخِ الذِّئابِ ؟

أيا امرأةً …

يبدَأُ العُمرِ عندَ ابتداءِ يدَيْها .

لماذا معي تحملينَ صليبَ العَذابِ ؟

أنا رَجُلٌ مِنْ نسجٍ غَريبٍ …

وَ عصرٍ غريبٍ …

وَ طقسٍ غَريبٍ ….

فكيفَ تركتِ قصورَ أبيكِ ؟

وَ خيلَ أبيكِ …

وَ جاهَ أبيكِ …

وكيفَ رفضتِ جميعَ ذكورِ القبيلةِ ….

كَي تتبعيني ؟

أيا امرأةً …

يسقُطُ القَّمحُ، واللَّوزُ، والتِّينُ …

مِنْ رُكبتيها ….

أنا رَجلٌ يلبسُ الرِّيحَ ثوباً ….

فباسمِ جميعِ الصَّحابةِ والأولياءِ ….

سَأَلتُكِ … لاتعشقيني !

٣٠ شباط ١٩٩١