طيبة القلب

في مُجتمعاتنا العربيَّة يُفهمُ موضوع الطيبة بشكل خاطئ، فالبعض يصنّفُ طيبة القلب في مرتبة ضعف الشخصيّة و المَسكنة والسّذاجة، ويقولونَ أحياناً عن طيّب القلب شّخص (درويش) وعلى نياته، وكم تُظلم صفة طيبة القلب بهذا!!

فأنت كإنسان إن لم تكن طيّب القلب فلن تشعرَ بالجائع إن كنتَ تملك الطعامَ بكميّة فائضةٍ عنكَ وهو لا يملك ما يسدّ به الرمق، وإن لم تكن طيب القلب قد تسرق ممتلكات غيرك وقد تخرّبُ ما يخصّ غيركَ بدافع الحسد والحقد، وقد تدخل منزل عجوز محروم لا يقوى على تنظيف بيته أو تأمين احتياجاته فلا تمدّ له يد العون، إحتمالات لا حصرَ لها قد تحدث عندَ انتفاء الطيبة منَ القلب.

طيبو القلب هم أشخاص على درجة عالية من الإنسانيّة والعقلانية والإحساس المُرهف الصادق، إنّهم بطيبتهم ملاذ المسكين وفرحة الحزين والعطاء للمحرومين والشفاء للموجوعين، أرأيتَ إن دخلتَ منزلَ أي شخص مُسن فنظّفتَ له الغرفة من حوله وأعددتَ له الطعام وحادثته وبدّدتَ ملله كم سيعني لهُ هذا، إنّه سيعني له الكثير إنّ وراء تجاعيدهم أطفالاً بوجوه ملساء يحبون الاهتمام والمرح….

كبار السن أشخاص قد فقدوا جزءاً كبيراً من طاقاتهم وقدراتهم ولكنهم يكابرون فتراهم في الغالب منغلقين على ذاتهم لا يعبّرون عن حاجاتهم خشيةً منهم بأن يكتشفَ الآخرونَ ضعفهم رغمَ أنَّ الضّعف بادٍ عليهم لا يحتاج إلى الشَّرح والكلام.

لذلك وبسبب عزّة أنفسهم هم بحاجة إلى طيبي القلب المبادرين الذينَ يحبّونهم دونَ طلب الحب، ويقدّمونَ لهم الرّعاية الصحيّة ويحادثونهم، كذلك هم يسعدونَ كثيراً إذا أشعرناهم بأنّهم مهمّين كثيراً بالنسبة لنا فنحاول محاورتهم وسؤالهم عن رأيهم في بعض الأمور للاستفادة من خبراتهم التي اكتسبوها على مدى السّنين الطويلة.

والطفل المحروم يمكننا إضاءة قلبه المعتم وبثّ الأمل في حياته بشراء هدية أو ملابس أو غيرها، ففي الوقت الذي يكون هو قد ظنّ بأنَّ البؤس ملأ الكون وغمره يأتي الطيّبون لنثر الأمل والفرح من جديد وإسعاد قلب قد ملّ منَ الحزن.

ولمد يد العون صورٌ وصور لاتخفى على أحد ولكن قد يخفى على البعض أثرها الجميل فلا تظنوا أنّ إسعاد المكلومين والمحرومين أمر يشبه تجاهل آلامهم وإهمالهم!

الطيبة سمة نبيلة تختلفُ كليّاً عن السذاجة والبساطة والتحلّي بها فضيلة عظيمة فمن أوتي لينَ القلب فقد أوتيَ خيراً كثيراً.

عائشة أحمد البراقي