قصائد المناسبات عند بدوي الجبل

قاومَ الشَّاعر البدوي الفرنسيين بشعرهِ، كقصيدته التي هزّت فرنسا حين احتلّ النّازيون باريس، يقول:

ياسامر الحيّ هل تعنيكَ شكوانا                    رقّ الحديد ومارقّوا لبلوانا

خلِّ العتابَ دموعاً لا غناء بها                       وعاتب القّوم أشلاءً ونيرانا

آمنت بالحقد يُذكي من عزائمنا                   وأبعدَ الله إشفاقاً وتحنانا

ويل الشّعوب التي لم تسق من دمها         ثاراتها الحمر أحقاداً وأضغانا

وله قصائد أخرى كثيرة غيرها هجا بها الفرنسيين.

قصيدة البلبل الغريب:

كتبها البدوي حين كان في النّمسا، في حفيده بعيد ميلاده، فأرسلَ له من منفاه قصيدةً ملؤها الشّوق والحب، وسمّاها البلبل الغريب، وهي من روائع قصائده، وكتبَ لها الذّيوع والانتشار بشكل كبير، يقول فيها:

وسيماً من الأطفال لولاه لم أخف                        على الشّيب أن أنأى وأن أتغرّبا

ثمّ يدعو الله:

وياربّ من أجل الطّفولة وحدها                      أفض بركات السّلم شرقاً ومغربا

ورُدّ الأذى عن كلّ شعبٍ وإن يكن                  كفوراً وأحببه وإن كانَ مُذنبا

وصُن ضحكةَ الأطفالِ ياربّ إنّها                  إذا غرّدت في موحش الرّمل أعشبا

ملائك لا الجّنّات أنجبنَ مثلهم                  ولا خلدها _ أستغفر اللّه _ أنجبا

ويا ربّ: إنّ القلب ملكك إن تشأ             رددت محيل القلب ريّان مُخصبا

وربّما كانت هذه القصيدة الوحيدة في الأدب العربيّ التي تتحدّث عن الطفولة بالمطلق، فالبدوي لم يَدُر في فُلك حفيده وكأنّه الطفل الوحيد في هذا العالم، بل انطلقَ منه ليتحدّث عن الطّفولة ويقدّم رؤيةً شاملةً للطفولة بالمطلق، والأمر المهم هو رؤية الحبّ والسّلم،  والحنان للأطفال.

يُريد القول إنّ الأطفال كلّهم مهمّون، فلا نرعى طفلاً على حساب غيره.

والذي يعنينا في هذه القصيدة هوَ أنّها خلّدت مفهوم الطّفولة، مفهوماً مختلفاً عمّا نراه اليوم.

فهوَ قدّمَ رسالةً عامّةً لم يقف عند حدود معيّنة في مفهوم الطّفولة، وإنّما تحدّثَ بالمطلق .