امرؤ القيس:

نسبهُ وكنيته: هوَ امرؤ القيس بن حُجُر بن الحارث بن عمر بن حُجُر آكلُ المرار ابن عمرو بنُ معاوية بنُ ثور بنُ مرتع هكذا نسبُهُ الأصمعي وزادَ الحارث بين مُعاوية وثور وقالَ: إنَّ ثوراً هو كندة وهكذا ساقَ نسبهُ ابنُ حبيب وزادَ يعرب بينَ الحارث ومعاوية وثور بن مرتع بن معاوية بنُ كندة، وقالَ بعضُ الرّواة: هو امرؤ القيس ابنُ السَّمط بن امرئِ القيس بن عمرو بن معاوية بنُ ثور وهوَ كِندة.

وقالَ ابنُ الأعرابي ثور: هو كندة بن عفير بن الحارث بن مرة بن عدي بنُ أدد بنُ زيد بن عمرو بن مسمع بن عريب بن زيد بنُ كهلان بنُ سبأ.

ويُكنَّى امرؤ القيس أبا وهب، وكانَ يُقال لهُ الملك الضليل، وقيلَ لهُ ذو القروح لقوله: وبدلت قرحاً دامياً بعدَ صحّةٍ لعلَّ منايانا تحوَّلنَ أبؤسا

واختلفَ في آكلِ المرار فنقلَ العلاّمة عبد القادر البغدادي عن الشَّريف الجواني أنَّ في آكل المرار خِلافاً هل هوَ الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بنُ مرتع أو هو حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث بنُ مُعاوية.

وإنّما سميَ الحارث بآكلِ المرار لأنَّ عمرو بنُ الهبولة الغسّاني أغارَ عليهم وكانَ الحارث غائباً فغنمَ وسَبى وكانَ فيمن سبى أم أناس بنت عوف بن محلم الشيباني امرأة الحارث فقالت لعمرو ابن الهبولة في مسيره لكأنّي برجلٍ أدلمَ أسود كأن مشافره مشافر بعير آكل المرار قد أخذَ برقبتكَ تعني الحارث فسميَ آكل المرار ( المرار كغراب شجر إذا أكلتهُ الإبل تقلَّصت مشافرها ) ثمَّ تبعهُ الحارث في بكر بن وائل فلحقهُ وقتلهُ واستنقذَ امرأتهُ وما كانَ أصاب.

وقالَ دريد في كتاب الاشتقاق: آكلُ المرار هو جدّ امرئ القيس الشّاعر بن حجر،

وقالَ الميداني عندَ شرحهِ للمثل ___ لا غزوَ إلاّ التّعقيب ___ أوّل من قالَ ذلكَ حجر بن الحارث بن عمرو آكل المرار وساقَ حديثهُ معَ ابن الهبولة وقتلهِ إيَّاهُ وذكرَ في آخرهِ أنّهُ قتلَ هند الهنود لمّا استنفذها منه.

طبقة امرئ القيس في الشّعراء:

امرؤ القيس فحل من فحول الجاهليّة، وهوَ رأس الطَّبقة الأولى وقرن به ابن سلاّم زهيراً والنَّابغة وأعشى قيس والأكثر على تقديم امرئ القيس.

قالَ يونس بن حبيب: إنَّ علماءَ البصرةِ كانوا يقدّمون امرأ القيس بن حجر، وإنَّ أهل الكوفة كانوا يقدّمونَ الأعشى وإنَّ أهلَ الحِجاز والبادية كانوا يقدّمونَ زهيراً والنّابغة.

قيلَ للفرزدق من أشعرُ النَّاس. فقال: الملك الضليل، قيلَ ثمَّ من؟ قالَ: ابن العِشرينْ يعني طرفة، قيلَ لهُ: ثمَّ من؟ قالَ: أبو عقيل: (( يعني نفسهُ )).

وليسَ مراد من قدم امرأ القيس أنَّهُ قالَ ما لم تقُلهُ العرب ولكنَّهُ سبقهم إلى أشياءَ ابتدعها استحسنتها العربُ واتّبعهُ فيها الشُّعراءُ مِنها استيقافُ صحبهِ للبكاءِ في الدّيار ورقّةِ النّسيبِ وقُربِ المأخذ وتشبيهِ النّساء بالظّباء والبيض والخيل بالعُقبان والعصي، وقيد الأوابد.

ويدلُّ على تقدُّمهِ في الشّعر: ما رويَ أنّهُ وفد قوم منَ اليمن على النبيّ عليه وآلهِ وسلّم فقالوا يا رسولَ الله أحيانا اللهُ ببيتين من شعر امرئ القيس بن حجر، قال: وكيفَ ذلك؟

قالوا: أقبلنا نُريدكَ فضللنا الطَّريق فبقينا ثلاثاً بغير ماء فاستظللنا بالطّلح والسّمر فأقبلَ راكبٌ ملتثم بعمامة وتمثّل رجل بيتين وهُما:

ولمّا رأت أنَّ الشّريعةَ همّها وأنَّ البياضَ مِن فرائصها دامي

تيمّمت العين التي عندَ ضارجٍ يفيءُ عليها الظّلُّ عرمضها طامي

فقالَ الرّاكبُ: من يقولُ ذلكَ الشّعر؟

قال: امر} القيس بن حجر، قال: والله ما كذبَ هذا ضارجُ عندكم.

قالَ: فجثونا على الرّكبِ إلى ماء كما ذكروا عليهِ العَرمضُ يفيءُ عليهِ الطَّلحُ فشرِبنا ريَّنا وحملنا ما يكفينا ويبلغنا الطَّريق، فقالَ النبي صلى الله عليه وسلّم: ذاكَ رجلٌ مذكورٌ في الدّنيا شريف فيها، خاملٌ في الآخرة خاملٌ فيها، يجيءُ يومَ القيامة ومعهُ لِواء الشُّعراء إلى النَّار ورويَ: يتدهدى بهم في النَّار، فيُروى أنَّ كلا من لبيد وحسَّان بنُ ثابت،

قال: ليتَ هذهِ المقال فيَّ وأنا المدهدى في النار .

ونقلَ السّيوطي عن ابن عساكر عن ابن الكلبي قال: أتى قوم رسول الله صلى الله عليه وآلهِ وسلَّم فسألوهُ عن أشعر النَّاس فقال: ائتوا حسّان، فقال: ذو القروح (( يعني امرأ القيس )) إلاّ أنّهُ لم يعقب ولداً ذكراً بل إناثاً فرجعوا فأخبروا الرّسول صلى الله عليه وسلّم فقال: صدَق، رفيعٌ في الدُّنيا خاملٌ في الآخرة، شريفٌ في الدُّنيا وضيعٌ في الآخرة هوَ قائدُ الشُّعراء إلى النَّار.

ولا قول لأحدٍ معَ رسول الله صلى الله عليهِ وآلهِ وسلَّم فسقطت التفاصيل الواردة عن العلماء بالشّر.

ولا يحتجُّ بقولهِ تعالى ( وما علمناهُ الشّعر ) لأنّ المُراد ما علمناهُ قولهُ وإلاّ فإنَّ معرفةَ معاني كلام العرب مقصورة عليه صلى الله عليه وسلم.