خذلان خاطرة

كانت عمره، والشّيء الوحيد الذي يسره، الشّخص الموثوق إن شاءَ البّوح بسرّه.

غابَ مرغما وعاد ملهوفا فارتطم بالكارثة !!

كارثة التَّخلي والسّير في طريقٍ مغايرة لطريقه.
وقد كانت أمه قبل وفاتها كثيراً ما تنصحه أن لا يأتَمن جانبَ أحدٍ إلى أبعد حد سوى الله……….
ولأن عشقه لمحبوبتهِ كان قد وصلَ حدّ العِبادة، فقد شدَّ وِثاقَ الثّقة؛ وظنَّ أنَّ التَّقلُّبَ لن يُصيبَ قلبها.
ولكنّها خيَّبت ظنّه بعدَ أوَّل غِياب.
غادَرته تاركةً إيَّاهُ وسطَ نيران صدمته،
يُحاول لملمةَ شظايا روحهِ علَّهُ يُدركُ ما قد جرى
تضخمت روحه من وطأة الهموم فضاق عليها جسده
تساءل: كيف لشيئين لم يعودا مُنسجمين
كجسدي وروحي مازالا متلاحمين، وكيفَ بها تفارقني وكانت عندي أثمنَ منَ الرُّوح،
كانت كل ما أتمنى أن أقتنيه، لأسعده وأسعد به.
لعنة صورة وجهها تمسكت بتلابيب عقله
فلم يعد يرى سواها؛ شعر الغجر
وثغر باسم كثغر الزهر
وجه لا تمل فيه النظر ……
شعرَ بأنَّ النّيران المتَّقدة بداخله ستُحرقه
وتحيله إلى رماد إنسان.
النار….. النار كيف أطفؤها
ودون أن يشعر بدأ عقله يفكر بفكرة منَ الغريب أن تحضره وهو في أوج غضبه وقهره!!
وهيَ هل للنَّار فائدة؟
نعم!! فكل شي ينضج بفعلِ النَّار
الطعام، قصبة الناي، الجلد الذي يوضع على الطبلة التي لا تصدر رنينها الأخَّاذ دون’ أن يتعرض ذاك’ الجلد إلى النار
رغيف الخبز !!
هب لو أنه ليس هناك نار
أنظر ما كان’ أسوأ طعمه
سيكون مقززا” ولن يتقبل طعمه أحد
النار فيها نورٌ مضيءٌ، وفيها حرارةٌ ودفء،
فهيَ تُنضِجُ الأشياء
انشغل عن همّهِ بتلكَ الفّكرة التي بدت له أوَّل
الأمر بسيطة، ولكنَّها سرعان ما أزالت عن قلبه غشاوة وبدَّدت ألماً
ثمَّ نادى بأعلى صوته: أحرقيني أيَّتها النَّار، أنضِجي سذاجتي وبلاهتي، اقضي على أوهامي
علميني كيف أكونُ ناياً أُشارك النَّاسَ همومَهُم،
كيفَ أكونُ طبلةً تُطرب النَّاس وتُفرحهم،
كيفَ أكونُ رغيفَ خبزٍ همّي ألاّ أرى جياعاً
املئي قلبي بحرارتك لأكون محبا عطوفاً،
بددي عتمةَ جَهلي بنورك.
علميني كيفَ أُضيءُ للمُتَعثّرينَ شُعلةً…..
ورويداً رويداً تحوَّل كرهُه وحنقه على محبوبَته إلى امتنان.
فلقَد سلبَت مِنهُ حبه، ولكنَّها أهدته
رحمةً وإنسانيةً وغُفران.

عائشة أحمد البراقي

جميع الحقوق محفوظة لموقع علمني