ورقة من مذكرات حرب:

في أحد أيام شهر رمضان الفضيل، كانَ الوقت عصراً، وعلى جلال تراتيل سورة آل عمران التي غمرت قلبي بنور الله فخشع مطمئناً، هممتُ بالدُخول إلى المطبخ و رُحت أحضّر الطعام بكل حب وسعادة، فأنا أعتبر مهمة تحضير الطعام من أسمى ما أوكلَ إلى المرأة من مهمات.
قرَصات جوع توجعني فيأخذُني الوَجع إلى التفكير بالجياع دون صيام هؤلاء الصائمون عنوةً،
أتنهد ألماً وأدعو لهم بالفرج و الإطعام.
أتابع تحضير الطعام، كدت أنتهي .
سَحبت الشَّمس أواخر خيوطها مودعة.
صوت دويٍّ هزَّ الهدوء فجعله يتلاشى، انقبض قلبي، تتالت الأصوات بغزارة، صواريخُ الموت يرافقها انهيارات أبنيةوتحطيم زُجاج نوافذ، أواني مطبخية تتساقط أرضاً فكرة سريعة مرَّت في خاطري وهيَ أنَّه كم هناكَ فرق بين السكينة التي ترافق كلامَ الله، وبينَ الرُّعب الذي يصنعه أعداء الحياة فيلتهم قلوبنا )
الخوف حولَ قدميَّ إلى خيوط واهية، هرعتُ أبحث عن ولديَّ و بادرتني في مخيلتي صور مرعبة عنهم، أصرخ بأسماء أبنائي واسم زوجي فلا يغادر الصوت حنجرتي .
صراخ واستغاثات تداخلت النداءات والعويل
تساقطت عليَّ بعضُ الحجارة،
رباه!
لا بدَّ من أنَّ أحدَ الجُدران قد انهارَ فوقي، كيف أستطيع الخروج من تحت الأنقاض لأطمئنَّ على أبنائي وأهلي وزوجي وأعرف ما حدَث.
سمعت زوجي ينتحِب و يقول لقد كانت في المطبخ عندما أصابه الصاروخ، لقد استشهدت و تركتني أنا وأطفالي وحيدين بدونها.

عائشة البراقي