كيف ينشأ الأمل من صميم الألم !!

مرهقةٌ كأمّ لتسعةِ أطفالْ
مختنقةٌ كعاملٍ في وسطِ منجم ٍلا يرى أمامه إلاَّ السَّواد، و رائحةُ الفَّحمِ التي تَطغى على المكان فتسلبُ أوكسجينه وتثقله بالكربونات،
متعبةٌ كرجلٍ مفلسٍ أولادُهُ جياعٌ وزوجته مريضة؛ عملَ بجدّ ليأخذَ أجرَة يومِه وفي نهايةِ نهاره
جفَّ عرقَه وما أعطيَ أجرَه، فجرَّ أذيالَ خيبتِهِ وعادَ إلى بيتِه خجِلاً مِن فرحة أبنائِه التي لن تكتملْ.

كيف ينشأ الأمل من صميم الألم !!
مهملةٌ كبذرةِ كرزٍ سقطَت في وسط الصَّحراء فنبتت واشتدَّ جذعها وأثمرَت ولكن ما من مارينَ ليقطفوا منها ما لذَّ وطاب، فتتساقط حباتها وتتحلل في الأرض لتعود تراباً من جديد دونَ أن تجرّب لذَّةَ العطاء.

كيف ينشأ الأمل من صميم الألم !!

ولكنَّني مفعمةٌ بالأمل؛
ويحَ أملي من أينَ يأتي فيمسحُ عنّي كلَّ هاتيكَ الأرزاء!

ألوذُ بضحكاتِ الأطفالِ وكلامهِم وطريقةِ فهمِهم البريئة للأمور فأغدو طفلة لا تدركُ حجمَ المصَابْ.

أهو أمل أم سراب؟!
ذاك الذي يقتَحمُ ذاتي فيفرحني رغمَ أنَّني عطشى وما من منهل أو شراب.

أضيعُ بينَ المتاهاتِ فأكمل ضياعِي بلعبةِ الغمَّيضةِ الّتي يلعبُها الأطفالُ مساءً فيفرحونَ ويخافونَ في الوَّقت ذاتِه…..

أتمنى أمنيةً وعندما لا تتحقق أقنعُ نفسي بأنَّها لم تكُن أمنيةً وإنَّما كانت بلاء.

وهكذا أكملتُ عقودَ عمريَ الأربعين بقلبِ طفلةٍ، وقناعاتِ متعبٍّد زاهدٍ، وشغَفِ شابةٍ في الحياة لمْ تبلغْ بعدُ ربيعَها العِشرينْ. عائشة أحمد البراقي

جميع الحقوق محفوظة لموقع علمني