ابنتي بلسم الجراح خاطرة:

حاولْتُ النَّوم كثيراً لكنَّني لمْ أستطع، وما زالَ الوقتُ باكراً للاستعداد للذهاب إلى العمل…
كان الجوُّ حاراً وعلى الرُّغم من ذلك كانت تلامسُ وجهي نسمات باردة عليلة بشكل متواتر، كنتُ أُحاولُ الاقترابَ أكثر لأحصلَ على المَزيد منها.
ملأَت هذه النَّسمات حياتي بالسعادة، وبخَّرت كلَّ هُمومي ومَتاعبي، وبدأتُ أشعرُ بارتياح شديد.
كنت كلما هبَّت نسمة أُحاول استنشاقها أكثر لتدخل إلى أعماقي وتجعل عروقي تنبض بالحياة من جديد، شعورٌ لا يمكنني إعطاءه حقَّه الكافي مهما وصفت، لقد نسيتُ كلَّ شيء مررنا بِه خلال سبع سنواتٍ منَ الحَرب والدَّمار الذي عشناه، خمسُ دقائقَ من النَّسمات العليلة غيَّرت حياتي وجعلتني أنسى كلَّ شيءٍ مُؤلم.
لم أعدْ أتمالكُ نفسي فقد كنتُ كالمدمنِ الذي حانَ موعد جرعته وبدأ يشعر بالاضطراب.
اقتربت أكثر فأكثر فأكثر لأحصل على المَزيد من هذه النَّسمات البارِدة والتي تنسي الهُموم.
فجأة وكأنها أحست بي، وأحست بأنها تسعدني فقررت أن تعطيني المزيد من جرعات السعادة فوضعت أصابعها الصغيرة على وجهي وبدأت تحرّكها بهدوءٍ تام لتلمسَ كلَّ وجهي
يا الله ما كل هذا لقد نسيت للحظة من أكون وشعرت كأنني ولدت الآن ولدت في الجنة.
وقررت أخيراً أن تمحو آلامي من ذاكرتي فطبعت على خدي قبلة جميلة وقالت أحبك بابا وضمتني لصدرها الصغير الجميل أوصلتني لقمة سعادتي يا صغيرتي، وليتني أستطيع إيصالك ووالدتك و أخوك الصغير القادم بعد عدة أشهر لقمة سعادتكم ليتني أستطيع أن أؤمن لكم حياة جميلة تملؤها السعادة كما ملأتم حياتي بها.

والدك المدمن على أنفاسك الجميلة.

أ.علي أحمد البراقي

جميع الحقوق محفوظة لموقع علمني