قلعة مصياف:

 هي واحدة من عدة قلاع موجودة في محافظة حماة، في الجمهورية العربية السوريّة، تقع في مدينة مصياف، وتمتاز بأهميتها التاريخية الكبيرة، وبشكل خاص في العهد الروماني، حيث كانت تقع وسط طريق هام لهذه الامبراطورية.

لاقت القلعة اهتمام ورعاية دولية حيث قامت مؤسسة الآغاخان  منذ عام 2000 بجهود مباشرة كبيرة أثمرت عن ترميم وتأهيل قلعة مصياف الأثرية وتدريب الكوادر المحلية وإعادة الاستخدام والتوظيف لبعض الفراغات في القلعة لاستخدامها مركزًا للزوار والسيّاح وصالة معارض، بالإضافة لتزويد القلعة بالمرافق الضرورية والخدمات اللازمة من أجل تقديم القلعة للزوار والسائحين بشكل مناسب.

شملت أعمال الترميم أيضا سوق المدينة الأثري فأخذ السوق حلة جديدة تؤكد على مبدأ الحفاظ على تراث المدينة.

تاريخها

يعود أول تاريخ لبناء تحصين عسكري في الموقع إلى الفترة الرومانيّةو بالتحديد عام 44 ق .م و هي الفترة التي شهدت اهتماما بالغًا من قبل الرومان لبناء تحصينات و مواقع عسكرية لتسيطر و تحرس الطرق الرئيسية للبلاد .و كان أشهرها ما توضع على سلاسل الجبال الغربية كما ذكر المؤرخ (فينر )و أهمها قلعة عكاّر والقدموس والمينقة وقلعة مصياف، يذكر فينر أيضاً أن البيزنطيين وجدوا قلعة مصياف قائمة من العهد الروماني الأسبق عندما ركزوا جهودهم في بلاد الشام معتمدين على مراكز عسكرية كالقلاع و الحصون، حيث إنّ الموقع الاستراتيجي الهام للقلعة أعطاها نفس الأهمية لدى البيزنطــيين لتاميــن الطريــق بيــن إنطاكية و المناطق الجنوبية حيث يمر هذا الطريق من قلعة برزية ( ميرزا ) فأبو قبيس ثمّ مصياف.

أمّا في بداية العهد الإسلامي فلم يعتني الفاتحون المسلمون بالقلاع والحصون بسبب تجاوزهم لها فلم يولوها عنايتهم ولم تشكل أهميّة خاصة لهم وخاصة في العهد الرّاشدي والأكموي أما في العهد العبّاسي في القرن الثاني للهجرة حيث بدأت الانقسامات وتشكل الدويلات المستقلة فقد سعى كل أمير إلى توطيد إمارته فالتفتوا إلى الحصون والقلاع.

امتلكها الحمدانيون سنة 967 م في عهد الأمير سيف الدّولة – وسيطر عليها البيزنطيون الجدد عام 969 م تحت قيادة (عقفور رفوكاس) ثم آلت إلى الفاطميين في عهد المعز لدين الله وسيطر عليها بنو مرداس حتى عام 1029 م بعدما أنشؤوا دولتهم في حلب ثمّ استعادها الفاطميون وتبعت بعدها لبني المنقذ أمراء شيزر سنة 1081 م وآلت إلى الإمارة الاسماعلية في سلسلة الجبال الغربية الذين امتلكوها عام 1140 م – 1141 م، من ثم استرجعها الإسماعيليون بعد انتصار المماليك بقيادة قطز في معركة  عين جالوت عام 1260 م ثم استلمها الظّاهر بيبرس عام 1270 م.

وقد طرأت على القلعة عدّة تغيرات خلال العهد المملوكي، وبعد الاحتلال العثماني شغلتها حامية عثمانية بدءًامن النّصف الثاني في القرن السادس عشر الميلادي حيث أصبحت مركز نيابة.

وأقامت فيها حامية فرنسيّة خلال فترة الانتداب الفرنسي من عام 1920 م حتى 1947 م .

موقعها والوصف المعماري

اختار البناة الأوائل مكان القلعة الاستراتيجية المتميزة على شبكة الطريق الواصلة بين الشمال والجنوب والداخل والساحل .فاختاروا هضبة صخرية تشكل القاعدة وهي قاعدة بيضويّة ثم تم تشذيب أطرافها لتصبح أكثر حدة وتساير الأسوار الخارجية للقلعة وقد بنيت الأقبية ومستودع الماء الرئيسي في سوية القاعدة الصخريّة عن طريق حفر هذه القاعدة الصخريّة واستخدامها كقواعد للأقبية السفليّة والتي تشكّل الطابق الأول في القلعة ويعود بناء هذه الأقبية إلى الفترة الأولى من تاريخ بناء القلعة وقد استعملت الأقواس الدائرية في حمل القبو والتي تستند إلى الأكتاف الصخرية من الداخل وعلى جدار السور من الخارج.

للقلعة مدخل من الجهة الجنوبية الشرقية وهي الجهة الأضعف في القاعدة الصخرية من حيث إمكانية الوصول ويبدو أنه مبني على مراحل أما وضعه الحالي فيأخذ شكلاً منكسراً حيث يصعد إليه بدرج كان يتقدم ببرج متقدم لزيادة القدرة الدفاعية ثم يدخل إلى بهو ينكس عبر باب يفضي إلى ممر يصل إلى الطابق الأول من القلعة ودرج يقود إلى الداخل، وقد زود الباب ببرج مؤلف من ثلاث طبقات وشرفة طلاقات في أعلى الباب لحمايته . أما الطابق الثاني في القلعة فيشمل عدداً من الأقبية المبنية فوق سطح الطابق الأول والجزء السفلي من الأبراج الداخلية والمؤلفة بأغلبها من الطابقين الثاني والثالث .

إن الأبراج الخارجية للقلعة غير متشابهة فبعضها له شكل مربّع يرتفع إلى ثلاث طبقات وبعضها مضلّع ومرامي السهام في القلعة ذات صفات ومقاسات متعددة حيث يظهر جلياً أعمال التدعيم والتقوية التي طرأت على هذه التحصينات ومن الجهة الشمالية هناك برجان مربعان نحت القاعدة الصخرية تحتهما بينما يناسب مع تصميمها وهما يحميان باب صغير يؤدي إلى القلعة والأسوار الخارجية والأبراج مزودة بشرفات لرمي السهام في أكثر من مكان .

أما القــسم الداخلــــي فقد بني اعتماداً على مخطط القلعة البيزنطية التي يعود تاريخها إلى نهاية القرن العاشر الميلادي حيث تم تحويره وتقوية جدرانها فارتفعت الأبراج الداخلية . ويحوي هذا الجزء الطابق الرابع من القلعة والأول من هذا الجزء وهو بني على أعلى جزء من الكتلة الصخرية حيث توجد أبراج تطل على الممرات الداخلية للقلعة ويحوي عدداً من الغرف والمستودعات وقد تم تغيير مواصفاته . فزود بمدخل يناسب الفترة الأيوبية بشكل منكسر يفضي إلى ما يفيد أن يكون الطابق الأول من قصر القائد وقد أرخت كتابة الباب هذه الإضافة في عام 1228 م . أما الجزء الشمالي الغربي من القليعة البيزنطية والذي يتألف من ثلاثة أبراج مربعة فقد تداخلت مع السور الخارجي للقلعة وشكلت نواة لأبراج مضلعة ثلاث ذات الصبغة المعمارية المملوكية . أما ما بقي من الطابق الخامس فهو أجزاء من الجدران العالية .