الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه:

اسمهُ ونسبهُ:

هو الصّحابي الجليل عبد الرّحمن بن صخر الدَّوسي، كنّيَ بأبي هُريرة لأنّهُ عادَ منَ المرعى بهرّةٍ يحملها.

من أخباره:

أسلمَ رضيَ الله عنهُ في السنة السّابعة للهجرة، وكانَ مِن أكثر الصّحابة روايةً للحديث وذلكَ لملازمته رسول الله صلى الله عليهِ وسلَّم، ولدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلَّمَ لهُ بالحفظ، كانَ من أصحاب الصُّفَّة، وكانَ إذا أرادَ أن يخرجَ من باب بيتهِ يقفُ على بابِ أمّهِ فيُسلّمُ عليها ويقولُ: رحمك الله كما ربّيتني صغيراً، فتردّ عليه السّلام وتقول: رحمكَ الله كما برّيتني كبيراً.

روى عنه أكثر من ثمانمئة صحابي جليل.

الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه هوَ من صحابة رسول الله صلى الله عليه، وسلَّم أسلمَ في السنة السَّابعة للهجرة، وشهِدَ غزوة خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلَّم، هاجرَ إلى المدينة المنوَّرة في عمر ثمانية وعشرين سنة، معَ أصحابٍ لهُ من قبيلة دوس التي يُنسبُ إليها، وهي قبيلة من دوس اليمنيَّة، فما إن وصلوا المدينة حتى كان النبي صلى الله عليه وسلَّم قد غادرها إلى خَيبر، فلحقَ به أبو هريرة فكانت أوَّل غزوة يغزوها مع رسولِ الله، وقد حصلَ أن افتقدَ أبو هريرة غلاماً لهُ في طريقهِ مُهاجراً، وبينما هو بينَ يدي النبيّ صلى الله عليه وسلَّم يُبايعهُ إذ نادى به النبي صلى الله عليه وسلَّم قائلاً: يا أبا هريرة هذا غُلامك فأعتقهُ أبو هريرة في ذات اللّحظة.

وقد رويَ كذلك عن أبي هريرة أنَّ أُمَّهُ كانت مُشركة أصرَّت على شركها، وكان هوَ يلحُّ عليها الطّلَب أ نتدخُلَ الإسلام، وهي ترفضُ ذلك، فجاءَ أبو هُريرة إلى النّبي صلى الله عليه وسلَّم وطلَبَ منهُ أن يدعوا لها بالهِداية، فدعا لها النَّبي صلّى الله عليهِ وسلَّم فلما عادَ أبو هريرةَ إلى والدته فإذا هي متوضّئة تشهدُ بأنّ لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً رسولُ الله، ففرح أبو هريرة لذلكَ فرحاً عظيماً وبشَّرَ النّبي صلّى الله عليهِ وسلَّم بإسلامِ والدتِه.

اشتهرَ أبو هُريرة رضيَ الله عنه بحفظِ ورواية أحاديث النّبي صلى الله عليه وسلَّم، وقد تميّزَ رضيَ الله عنه بذاكرةٍ قويّة حيثُ كانَ حفظهُ أقرب للمعجزات، وفي حفظهِ روى الصَّحابة والتَّابعون أحاديثهم فذاتَ يومٍ أُرسلَ مروان إلى أبي هريرة فأقعدهُ يذكُرُ لهُ أحاديث النّبي صلى الله عليه وسلَّم وأحد الرّجال يقف وراءَ حِجاب يكتُب ما يذكر أبو هُريرة، ثمَّ بعدَ عامٍ كامل دعاهُ مروان مرّةً أُخرى وطلبَ منهُ أن يقرأَ عليهِ الأحاديث فما بدَّلَ شيئاً ممّا قالَ قبلَ عامٍ مضى،

ولقد قيلَ بأنَّ أبا هريرة كانَ من أشد الصحابة والرّواة حفظاً لأحاديث الرّسول صلى الله عليه وسلَّم.

ولقد أخبرَ الذّهبي بأنَّ البُخاري رضي الله عنهُ روى عن أبي هريرة ثلاثة وتسعينَ حديثاً مُنفرِداً وروى عنه مُسلم رضيَ الله عنهُ ثمانيةً وتسعينَ حديثاً واتفق على ثلاثمئة وستّة وعشرينَ حديثاً، ولقد ذُكرَ في كتُب تحقيق أحاديث أبو هُريرة أنَّهُ رُويَ عنهُ نحوَ ألف حديث من غير تكرار، ولقد ورَدَ أنَّ أبا هُريرة كانَ إذا جلَسَ يحدّثُ بأحاديث الرَّسول صلى الله عليهِ وسلَّم يستهل كلامهُ بحديثٍ عن النّبي صلّى الله عليه وسلَّم فيقول من كذَبَ عليَّ مُتعمّداً فليتبوَّأ مقعدهُ منَ النَّار، ثمَّ يبدأ بروايةِ أحاديث رسولِ الله صلى الله عليهِ وسلَّم، سبب تسمية أبو هريرة قيلَ إنَّ أبا هُريرة كانَ إسمهُ في الجَّاهلية عبدَ شمس، فلما أسلَمَ سمَّاهُ النبي صلى بأبي هريرة، وقد كانَ أبا هريرة يحبُّ أن يُكنّى أبا هر فقد كانَ يقول لا تكنونيَ أبا هُريرة فإنَّ رسول الله صلى الله عليهِ وسلَّم كنَّاني أبا هر، وذاتَ مرّةٍ سُئلَ أبا هُريرة عن سبب كُنيتهِ فقال: كُنتُ أرعى غنمَ أهلي وكانت لي هرَّةٌ صغيرة فكنتُ في اللّيل على شجرةٍ وإذا كانَ النَّهارُ ذهبتُ بها معي فلعِبتُ بِها فكنونيَ أبا هُريرة، ولقد كانَ من صفات أبي هريرة الخُلُقيَّة أنَّهُ كانَ لطيف، وحليم، وخلوق، ومرح صاحبَ دُعابة، وقد كانَ يحبُّ النبيّ صلّى الله عليهِ وسلَّمَ حُباً عظيماً حتى كانَ إذا شعَرَ بالضّيق لم تهدَأ لهُ نفسٌ حتى يذهب إلى النّبي صلى الله عليه وسلّم، فينظر إليهِ فتقرُّ عينه وتسكُنُ نفسُه.

توفيَ رضيَ الله عنهُ في سنة ( 57 ه ) .