_ رمضان شهرُ العِبادة والغُفران، شهرُ صفاءِ النَّفس والوقفة مع الذّات، شهر الخير والبركة وزيادة التقرُّب منَ الله تعالى.

1 ___ الفوائد الدينيّة للصّيام :
جاء في (كتاب أسرار الصوم) ضمن موسوعة [ إحياء علوم الدين ] :
( اعلم أنّ الصوم ثلاث درجات:
١- صوم العموم ٢- و صوم الخصوص ٣- و صوم خصوص الخصوص.
أما صوم العموم فهو كفّ البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وأما صوم الخصوص فهو كفّ السمع والبصر واللّسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام . وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدنيّة والأفكار الدنيويّة وكفّه عمّا سوى الله عز وجلّ بالكليّة…..)

الصيامُ سُنّةٌ عَرَفَتْها الأممُ الغابرة و نصَّ عليها الأنبياء والحكماء الربانيون . وفي القرآن إشارة إلى ذلك ( يا أيُّها الّذين آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) _١٨٣ البقرة
و السؤال لماذا كان للصيام هذه الأهمية؟ ولماذا أخذ صفة عالمية؟
ما سرُّ الصيام؟ ما معناه؟ ما الغاية الإلهية منه؟
الصيام لغةً يفيد معنى الامتناع و الإمساك والسكون والصمت
ودائماً يوجد خُيوطٌ – أشبَهُ ما تكون بعَمَد السَّماء – تربط بين اللّغة والاصطلاح في جملة المفاهيم الروحية والغيبية
وفَرضُ الصّيام هو انتصارٌ للمعقول على المحسوس، وكَبحٌ لجماح المحسوس و اتّقاءٌ لطغيانه وإفراطه.
والصيام عند أصحّاء النُّفوس حِميةٌ، وعند المرضى دواءٌ وشِفاء.
ويجب أن نفرّق بين وسيلة الصيام وغايته فالوسيلة امتناع والغاية التَّقوى، ومنَ الجهل أن تصبح الوسيلة هي الغاية عند بعضهم .

قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ( مَن لم يدَعْ قول الزُّور والعملَ به فليسَ لله حاجةً في أنْ يدَعَ طعامه وشرابه) وفي قول أحد الأئمَّة: ( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجُّوع والظَّمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السَّهر والعناء . حبذا نوم الأكياس وإفطارهم)
الصيام ليس لقتل شهوات الجسد بل السَّيطرة عليها وضبطها كي لا تُقحِم صاحبها في المحرمات الموبقة المُهلكة.
الصيام سكونٌ للجوارح يُفسِح لحركة أشواق النّفس إلى عالم الحقائق المجردة. فإذا اتصلت النّفس اتصالاً حميماً بعالَم العقل تحققت غايةُ الصّيام.
جاء في الإصحاح التَّاسع من إنجيل متّى: (حينئذ أتى إليه تلاميذ يوحنّا قائلين: لماذا نحن نصوم والفريسيون كثيرا و أما تلاميذك فلا يصومون .فقال لهم يسوع : هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا مادام العريس معهم. ولكن ستأتي أيامٌ حين يُرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون..)
فتلاميذ يوحنا المعمدان صاموا حين رُفِع أستاذهم عنهم.

الصيام أيّاً كانَ نوعه فإنَّه يعود على الإنسان بالعديد منَ الفوائد وبالمختصر فوائد الصّيام الدينيّة، هي:

1_ دخول الجنّة من باب الرَّيان، كما جاء في حديث النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: “إن في الجنة باباً يُقال له الرَّيان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يُقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد”_ “متفق عَلَيهِ”.

2_الصِّيام سببٌ لمغفرة الله عزّ وجلّ لذنوب عباده.

3-الصيام سبب لاستجابة الله سبحانه وتعالى للدُّعاء. 4_يعزّز الصّلة بين الصّائم والله عزَّ وجل، فهو يبعث على الخشوع والخضوع والامتثال لأوامره سبحانه. 5_ يقوّي من عزيمة المسلم في جهاد نفسه، وكبحها عن الشهوات والملذَّات الدُّنيويّة، ممّا يجعله في إقبال دائم على الطَّاعات وبالتَّالي نيل رضا الله عز وجل. 6_الصِّيام هو الذي يباعد بين الصائم والنار، كما قال عليه الصلاة والسلام : “ما من عبد يصوم يوماً في سبيل اللَّه إلا باعد اللَّه بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا”. الصيام شفيع لصاحبه يوم القيامة، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفّعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان”.