
الرسالة السابعة من رسائل إخوان الصفا وخلّان الوفا:
✍️Aisha boraki
الرّسالة السّابعة من القسم الرياضي التعليمي:
_رسالة في ( الصنائع العلمية والغرض منها )
_ الجزء الأول :
(( مقدمة ))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، الله خير أما يشركون.
أعلم أيها الأخ- أيدك الله وإيانا بروح منه-
إنا قد فرغنا من ذكر النسب العددية، وأخبرنا بماهياتها وكمية أجناسها وأنواع تلك الأجناس، ووصفنا كيفية إظهارها من القوة إلى الفعل، وبينا أن الموضوع فيها كلها أجسام طبيعية، وإن مصنوعاتها كلها جواهر جسمانية، وإن أغراضها كلها عمارة الأرض لتتميم أمر معيشة الحياة الدنيا؛
فنريد أن نذكر في هذه الرسالة الصنائع العلمية التي هي الموضوع فيها جواهر روحانية، التي هي أنفس المتعلمين، ونبين أن تأثيراتها في المتعلمين كلها روحانية، ونبيّن أيضاً ماهية العلوم، ونذكر كمية أجناسها وأنواع تلك الأجناس، ونصف أيضاً كيفية إخراج ما في قوة النفس من العلوم إلى الفعل الذي هو الغرض الأقصى في التعاليم، وهو إصلاح جواهر النفوس ، وتهذيب أخلاقها وتتميمها وتكميلها للبقاء في دار الآخرة التي هي دار الحيوان، لو كانوا يعلمون، والذين يريدون الخلود في الدنيا هم الغافلون عن أمر الآخرة.
_فصل في مثنوية الإنسان
يقول إخوان الصفا وخلان الوفاء
أن الإنسان لما كان هو جملة مجموعة من جسد جسماني ونفس روحانية، وهما جوهران متباينان في الصّفات، متضادّان في الأحوال، ومشتركان في الأفعال العارضة والصّفات الزائلة، صار الإنسان من أجل جسده الجسماني مريداً للبقاء في الدنيا، متمنياً للخلود فيها، ومن أجل نفسه الروحانية صار طالباً للدار الآخرة، متمنياً للبلوغ إليها وهكذا أكثر أمور الإنسان وتصرف أحواله مثنوية.
– أنّ الجسد جوهر جسماني طبيعي ذو طعم ولون ورائحة وثقل وخفة وسكون ولين وخشونة وصلابة ورخاوة .
وهو متكون من الأخلاط الأربعة التي هي( الدم والبلغم والمرتان ) المتولدة من الغذاء الكائن من الأركان الأربعة التي هي( النار والهواء والماء والأرض ) ذوات الطبائع الأربع التي هي (الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة)؛
وهو منفسد ومتغير ومستحيل وراجع إلى هذه الأركان الأربعة بعد الموت الذي هو مفارقة النفس الجسد.
-النفس بمجردها فهي أنّها جوهرة روحانية سماوية نورانية حيّة بذاتها علامة بالقوة، فعالة بالطبع قابلة للتّعاليم فعالة في الأجسام، ومستعملة لها، ومتممة للأجسام الحيوانية والنباتية إلى وقت معلوم، ثم إنها تاركة لهذه الأجسام ومفارقة لها، وراجعة إلى عنصرها ومعدنها ومبدئها كما كانت، إما بربح وغبطة أو ندامة وحزن وخسران، كما ذكر الله- عز وجل-بقوله:” كما بدأنا تعودون: فريقاً هدى، وفريقاً حق عليهم الضلالة.”
_ يقول إخوان الصفا وخلان الوفاء:
إنّ العلم إنما هو صورة المعلوم في نفس العالم، وضده الجهل وهو عدم تلك الصورة من النفس.
وأن أنفس العلماء علامة بالفعل، وأنفس المتعلمين علامة بالقوة .
وأن التعلم والتعليم ليسا شيئاً سوى إخراج ما في القوة، يعني الإمكان، إلى الفعل، يعني الوجود.
فإذا نسب ذلك إلى العالم سمي تعليماً، وإن نسب إلى المتعلم سمي تعلّماً.