يربط ابن رشيق القيرواني بين اللّفظ والمعنى، كارتباط الجسد بالروح، فقوّة النّص بقوّةِ اللّفظ

ومعناه، وضعفهُ بضعفهما أو ضعف أحدهما، ويعدّ عبد القاهر الجرجاني من أكثر نقّاد العرب

قاطبةً تناولاً للقضيّة وأدقّهم لها فهماً، وتنميةَ موقفه تأتي  تحتَ مسمّى ( النّظم )

سمات الألفاظ:

عُني العرب بالألفاظ عنايةً فائقةً، ويعود ذلكَ إلى سببين:

أوّلهما: ما تحملهُ الألفاظ من طاقة إيقاعيّة.

وثانيهما: لاعتبارها وسيلةً لإبراز المعنى.

قالَ ابن رشيق:

(( للشّعراء الفاظٌ معروفةٌ، وأمثلةٌ مألوفة، لا ينبغي للشّاعر أن يعدمها، ولا أن يستعمل

غيرها ))

وقالَ غيرهُ: (( الألفاظُ في الأسماع كالصّورِ في الأبصار ))

وقد ربطَ بشر بن  المعتمد بينَ  الألفاظِ والبيئة فقال: (( وكما لا ينبغي أن يكون اللّفظُ عاديّا”

ولا ساقطاً سوقيّاً، فكذلكَ لا  ينبغي أن يكونَ غريباً وحشيّاً،  إلاّ أن يكونَ المتكلّمُ بدويّاً

أو أعرابيّاً، فإنّ الوحشيَّ منَ الكلام يفهمهُ الوحشيّ منَ النّاس.

كما يفهم السّوقيّ رطانةَ السّوقيّ ))

كما ربطَ بينَ مستوى الألفاظ ومستويات النّاس،

فقال: ((وكلام النّاسِ في طبقات، كما أنّ النّاسَ أنفسهم في طبقات، فمن الكلام الجزل

والسخيف والمليحُ والحسَن والقبيح السّمج والخَفيف والثّقيل وكلّهُ عربي ))

مما حدا بالنّقادِ إلى رفضِ استعمالِ الشّعراءِ للألفاظِ الغريبة الوحشيّة والعاميّة والسّوقيّة

والجافية والركيكة والمولّدة، وأكّدوا على سلامة  حروف اللّفظ منَ النّاحية الموسيقيّة، ودعوا

إلى تجنُّبها، فوجودها يشوّه النص، ويفقدهُ جزءاً من قيمتهِ الجّماليّة.

فالحاتمي : تناولَ في رسالتهِ الموضّحة ألفاظاً وردت في أبيات متفرّقة عندَ المتنبّي 

ونعتها بمثلِ هذهِ الصّفات، فقد قالَ في قولِ المتنبّي:

ربحلة أسمرٌ مقبّلها                   سبحلةٌ أبيضٌ مجرّدها

وعليهِ فالحاتمي يرى أنّ لفظي( ربحلة  وسبحلة ) جافيان ، لا يجوزُ أن يستعملهما 

شاعر محدث، لبعدهما عن عصرهِ، ولقِدَم استعمالهما، كما أنّهما غليظتان ولا تتناسبان

معَ رقّة الألفاظ الغزليّة.

__ معنى ربحلة:

__ الرِّبَحْل: التارُّ في طول، وقيل: التامُّ.

__ الليث: هو سِبَحْل رِبَحْل إِذا وُصف بالتَّرارة والنَّعْمة.
وجارية سِبَحْلة رِبَحْلة: ضخمة لَحِيمة جيِّدة الخَلْق في طول أَيضاً.
__ وبعير رِبَحْل: عظيم.