ليلة رعب ( قصة وعبرة ) :

قرية نائية، عواء يترنح من بعيد، ليل لف المنازل حتى ابتلعها.
في منزلنا الصغير أجلس أمام الموقدة،
طقطقة الحطب المتقد تصادقت فجأة مع وحشة الظلام، صوت الباب الخشبي الذي يفتح بهدوء مقيت ثم يغلق بعنف ويعاود الكرة كما لو أنه
شعر بلذة إخافتي .
ضوء الشمعة الوحيدة التي ذاب نصفها راح يرتجف أيضا” مثلي، معلنا”إمكانية الانسحاب في أية لحظة .
قلبي أصيب بالهلع عندما لمحت شخصا يمر خلف النافذة الزجاجية الصغيرة، رغم معرفتي بقانون الجذب، وضرورة التفاؤل بالخير لنجده…
وغيره من القوانين التي نتحدث عنها نحن البشر، ولكن عندما نشعر بالخطر ننسى كل ثقافاتنا ومبادئنا .
روحي راحت تتمسك بجسدي من الداخل محاولة الاحتماء والاختباء، وجسدي يتشبث بروحي مرتجفا كأم تحمي طفلها رغم خوفها.
يحاول جسدي وروحي عقد معاهدة عدم الافتراق فيتلعثمان قبل إبرامها … ثم صمت رهيب؛
لايخلو من بعض الأصوات التي ترافق الأهوال .
شل’ جسدي، استسلمت روحي أمام عظم ما يحدث
ولم يبق’ مني سوى عقلي الذي يتقد بشدة عند المصائب ؛
فكرة سريعة مرت تلمح بأمل ضئيل بإمكانية النجاة .
تذكرت بأن والدي وضع مسدسه داخل صندوق الأريكة التي أجلس عليها .
وأنا التي لم أجرؤ يوما” على مجرد التفكير بحمل السلاح في وجه أحد، حملته ولقمته دون تردد .
خطر في بالي أنني ربما لن أضطر للقتل ولإزهاق روح فقد يكون الشخص الذي مر’ مجرد عابر سبيل أو تائه !
رغم منطقية الفكرة ولكنها لم تتمكن من تهدئة روعي .
فلا بد من التحسب والترقب .
فكرت سريعا” أيمكن للإنسانية التي ارتقت إلى مستويات لا يستهان بها أن تنهار أمام الخوف
هل على الإنسان لإنقاذ نفسه من الشرور أن يتحول إلى مجرم ؟!
وبينما مفاصلي ترتعد، وعيوني جاحظة، وعقلي لا ينفك عن التفكير، دفع الباب بعنف .
استجمعت قوتي كلها وتوقفت الرجفة التي كانت تعتريني، فكرة لمعت وجعلتني أغدو كجندي حرب غير آبه بالموت أو الحياة…..
وهي أنه إن لم يوضع حد للشرور ستفنى البشرية، ومن يحمي نفسه ليس بقاتل !
صوبت سلاحي على الشخص الذي دخل ودققت في ملامحه معطية” إياه فرصة أخيرة لمعرفته قبل قتله، فإذا بي أرى أمامي أبي كان’ يبكي بمرارة ويقول لي آسف يابنتي لإخافتك، علينا الذهاب إلى المشفى بسرعة .
سرت معه هائمة وأنا لا أجرؤ حتى على سؤاله من هو الذي في خطر ، خوفا من فاجعة اسمها جوابه .

عائشةاحمدالبراقي

جميع الحقوق محفوظة لموقع علمني