يـُروى أنّ الحـجّاج وضع فـي يومٍ مـا
قـانونا” منع’ بموجبه التـّجوال بـعد غـياب الشـّمس
عرفه الجميع و الكلّ عـمل بـه .. إلا ثلاثة خـرجوا للتّـجوّل
فأمـسكهم الحـارس و أخذهم للسـّجن
عـلم الحجّاج بذلك و طـلب مـن الحـارس استـجوابهم
و
أثناء الاستـجواب سـأل الحارس الأوّل من أنت فأجـابه :

أنا ابن من دانت الرّقـاب لـه
ما بـين مخزومها و هـاشمـها
تـأتي إليه بالرّغم وهي صاغرةٌ
فيأخذ مــــن مـالهـا و من دمها

فـخيـّل للحـارس أنّـه ابـن حـاكم كـبير من الحكّام
يعـني على حسب فهمه للقصيدة و طـلب مـنه الانصـراف
و سأل الثـّاني نفـس السّؤال فأجـاب :

أنا ابن الّذي لا ينـزل الدّهر قـدره
و إذا نـزلت يـوما فسوف تـعود
ترى النّـاس أفواجا إلى ضـوء نـاره
فـمنهم قـيامٌ و منهم قـعود

فـظنّ أنّه ابـن واحدٍ مـن شـرفـاء العـرب الكـبار
فأذن له بالانصـراف فسـأل الثـّالث

نـفس السؤال فأجـاب :

أنـا ابن الّذي خـاض الصّفوف بعـزمه
و قـوّمـها بالـسّيف حتّى استـقلّت

خـيّل لـه أنّ هـذا الولـد ابـن فـارسٍ مـن الفـرسـان الكـبار على حـسب فهـمه .. فأذن لـه بالانـصراف أيـضا
و فـي صـباح اليـوم التـالي سأله الحجّاج :
هـل قطعت رقاب الّذين خـالفـوني ؟
فـقـال : لا فـقد اكتشفت أنّهم مـن كبـار العـرب
و خـفت المشـاكل بـيننا و بيـنهم لذا أطـلقتهم ..
و سألـه الحـجاج : لـكن كـيف ؟ أجـاب الحـارس :
لقـد أخـبروني عندما سألتهم عن والدهم بأشـعار غـريبة
و استـنتجت مـن خـلالهـا أنـّهم مـن كـبـار شـرفاء العـرب
– أخـبره الحارس بالأشـعار –
ضـحك الحـجاج حـينهـا ضحـكا” لـم يـضحكه فـي كـل حـياته
و قال : أمّا الأوّل فكان ابن حلّاق
و أمّا الثّـاني فكـان ابـن فـوّال
” أي بـائع الطـعام فـي السّوق
و الثّـالث ابـن خـيّاط
لأنه بـدل فـقط كـلمـة السيف بالإبـرة تعظـيما”
فـجمع الحـجاج فـي الغدّ كـلّ النـّاس و حكى لهم مـا جرى
و قـال :
علّـموا أولادكم الأدب فوالله لـولا فصـاحتهم
لقـطعت أعـناقهـم ثـمّ أنشـد قائلاً :

كـن ابـن مـن شـئت و اكـتسب أدبا

يغـنيكَ مـحموده عن النّسبِ

إنّ الفتى مـن يقـول هـا أنـا ذا
لـيس الفـتى مـن يقـول كـان أبي.