مصعب بن عمير:

هو مصعب بن عمير بن هاشم القرشي، يكنّى أبا عبد اللّه رضيَ الله عنه، من خيار الصَّحابة ومن السّابقين إلى الإسلام، وكان فتى مكّة جمالاً وشباباً، وكانت أمّه تكسوه أحسنَ الثّياب، وهيَ امرأة معروفة بالثّراء  وحُسن النّسب وقوّة الشّخصيّة، وكانت تحمل لولدها حبّاً كبيراً، ولاتبخل عليه بشيء.

أسلمَ وكتمَ إسلامه، وكانَ يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلّم سراً، فشاهده أحدهم فأخيرَ أمّه وقومَه فأخذوه و حبسوه، فلم يزل محبوساً إلى أن هاجرَ  إلى أرض الحبشة.

صفاته: تحلّى مصعب بن عمير بصفاتٍ جعلت أبوابَ القلوب تُفتح له منها:

1__ سماحة الخُلُق: اتّصفَ بالأخلاق العالية الكريمة حتّى أحبّه النّاس جميعاً.

2___ القدرة على الحِوار: كانَ شديد التّأثير في نفوس المستمعين إليه.

3___ الشّجاعة: فقد حمّله النّبي صلى الله عليه وسلّم راية المهاجرينَ في بدر، وحمّله الرّاية في غزوة أُحد، وقد دافعَ  عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غزوة أحد حتى استشهد .

فوقفَ الرّسول صلى الله عليه وسلّم بعد انتهاء المعركة عند جثمانه وعيناه تذرفان الدّموع، وهو ينعيه ويودّعه، فقرأ قوله تعالى: ( من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا )

4__ إخلاصه لله تعالى: وهذا ما جعله يترك نعيم الدّنيا في بيت أهله، ويُهاجر إلى المدينة المنوّرة .

مصعب بن عمير أوّل السّفراء في الإسلام:

اختارَه الرّسول صلى الله عليه وسلّم لمهمّة عظيمة، وأرادَ منه أن يكون سفيره في المدينة المنوّرة، وهو لا يزال

شاباً، وفي الصّحابة من هو أكبر سناً منه ، فقد بعثه صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة قبل الهجرة بعد بيعة العقبة الثّانية، ليقرأهم القرآن ويفقّههم في الدّين، ويدعو لدين الله تعالى، ويعدّ المدينة ليوم الهجرة العظيم.

فلقّب ( بالقارئ المقرئ )، وهو أوّل من أقام الجّمعة في المدينة المنوّرة .

استشهد عن عمرٍ يُناهز الأربعين ولم يترك إلاّ ثوباً واحداً، فكان إذا غطّوا رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطوا رجليه خرج رأسه، وهذه البردة لا تكفي لتغطيّة جثمانه الطّاهر، فقالَ النبي صلّى الله عليه وسلّم: ( غطّوا بها رأسه واجعلوا على رجله الإذخر ) والإذخر نبات عشبي طيّب الرائحة يوضع على القبور.

هذا هو مصعب بن عمير، الصّحابيّ الجليل الذي صاغه الإسلام وربّاه النّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم.