مذكرات مريضة سكري ( خاطرة ):

كل السُّكر يحلّي إلاّ سُكَّري علقم يهتك بأعضاء جسمي الواحد تلو الآخر، يقول لي لا أقبل ( ضُرَّة ) فممنوعٌ عليكِ أكل السُّكَّر .
البارحة كنت مسافرة فأتى مضيف الحافلة ليقدم لي قطعة حلوى كما قدمها لباقي الركاب، نظرت إليه بازدراء ودفعت يده الممدودة لإكرامي دون أن أشعر .
لقد استغرب من ردة فعلي، ولكنه حافظ على لطفه وابتسامته وتابع سيره ليضيف الآخرين .
سكري هذا لا يشبه سكركم إنه وحش مفجوع آذى أهم أجزائي، قتل أفراحي واستنفذ طاقاتي …
في أحد المرات كنت جالسة في الليل فخطر لي في وحدتي خاطر غريب ، قلت لماذا لا نتحادث أنا وهذا الملعون علنا نتوصل إلى اتفاق يخفف وطأته عني ؟!
قلت له يا سكري الذي ابتليت به ارحم شبابي ولا تتمادى، أترك في عمري متسعا للفرح، دع حياتك معي تبادلا وليس استغلالا !
لا أعرف إن كان ينصت لكلماتي وقتها أم لا ؛ ولكن من يومها تبدلت أحوالي وصرت نشيطة لا أشتهي السكر حقيقة ، ولا أعبأ بوجود هذا المتطفل بداخلي،
صرت أمشي كل يوم مسافات طويلة تبتهج خلالها روحي، وغريمي يرهق تماما حتى كاد يختفي.
ولما عرفت نقاط ضعفه رحت أباغته بضربات الحمية ، والنشاط ، والسير ، والتفاؤل
إلى أن انزوى في زاوية معتمة في داخلي ليس لها الكثير من الأهمية ، ومع طول انزوائه تعطلت فاعليته .
وهكذا انتصرت عليه وغلبته وقلصت من حجمه حتى صار بالحد الذي لا يضر به ولا ينفع .

واليوم أنا أضحك من ضعفي السابق أمام ذلك الغريم الجبان، والذي استطعت أن أهزمه بسهولة بعد أن اتخذت قرار الانتصار عليه .

من وحي مشاركتهم آلامهم شافاهم الله وعافاهم

عائشةأحمد البراقي

جميع الحقوق محفوظة لموقع علمني